كتب الاستاذ محمد السيد
عندما يأخذنا الحنين للماضي ونهرب بكل وجداننا للذكريات القديمة ليس معني هذا أننا فقط نعيش واقع أكثر عزابا وأشد الما و اكبر حيرة وإنما …….
فشلنا أن نصنع في حياتنا الحالية شيئا يعادل تلك الذكريات الجميلة .. لم نستطع التغلب علي زحام الهموم .. وكثرة الأحزان .. ووقف الصراع الدائم لإثبات الوجود مما جعلنا نشعر بالتمرد علي كل شيئ .. براءة طفولتنا كانت تجعل الحياه في عيوننا مملكة خاصة بنا ونقاء قلوبنا كان محتفظا برونقه … وعذرية احلامنا لم ينتهكها احد .. وحرية القلب ما كان ينبغي لأحد وقتها أن يغتصبها او حتي ينتقدها .. كبرنا وأصبح كل شيئ بداخلنا بلا طعم بلا معني لأننا مطالبون كل لحظة علي تبرير لخفقات القلب لأننا تخطينا مرحلة حق الحياه فتوقفنا عن للإحساس بالحياه .. تركنا أنفسنا لدوامات العصر التي اغرقتنا في بحور القلق والحيرة بسبب الكبت والقهر والاحتياجات المادية تارة وبين الصراعات النفسية بين العاطفة التي سجنت داخل القيود الاجتماعية الظالمة تارة اخري فقتلت بداخنا اجمل إحساس الحياه .. والآن نسأل أنفسنا ..؟؟
أين تلك الابتسامة التى داعبت شفاههنا أيام طفولتنا واجمل ايام صبانا .. أين نبضات قلوبنا التى كانت ترقص مع كل ليلة ونحن نتحتضن احلاما لا تحتوي سوي البراءة .. أين اقلامنا الرصاصية وكراساتنا التى احتوت حروف مبعثرة ورسومات لمستبقل مشرق .. اين ثيابنا البسيطة .. أين لعبنا وعرائسنا وخطاباتنا المضحكة .. أين رسوماتنا علي الجدران .. أين شخابيط شقاوتنا علي الستائر والنوافذ والابواب .. أين وسادتنا الصغيرة وفراشنا الدافئ .. كبرنا .. وتغير كل شيئ .. تغيرت الأماكن .. تحولت الاحلام .. تبدلت الملامح .. عبرت العقول كل مراحل البراءة .. وتخطت النفوس كل حواجز الخجل الطفولي .. واختفت كل انطلاقات الصبا .. أصبحنا مقيدون .. مكبلين بسلاسل الصراع النفسي .. و استسلمت عقولنا للتطور الانساني الصلب الذي يخلو من العاطفة وتجرد من الاحتواء لأنفسنا أو لغيرنا ..
ما عدنا نمارس حريتنا التي كنا نملكها ونحن صغارا .. ما عدنا نجري ونقفز وننطلق بل أصبحنا نعد الخطي ونحسبها بل ونتردد كثيرا قبل ان نبدأها .. ما عاد البراح يسع خطواتنا الضيقة .. ما عاد هناك سوي الخوف إما من الفشل او من المجتمع .. فاصابنا العجز ونحن أقوياء.. ووهنت قلوبنا قبل اجسادنا .. وشيبت احلامنا قبل أن يشيب شعرنا.. وإنحنت وجداننا قبل إنحناء ظهرنا .. وضعفت نظرتنا للحياه وأصبحنا لا نراها كما كانت .
فمتنا ونحن أحياء