كتب: شادى سعد
ما حكم قضاء الصلاة الفائتة؟ سؤال ورد إلى دار الإفتاء وأجابت بأنه يجب على المسلم قضاء ما ترك من الصلوات المفروضة مهما كثرت، ما عدا ما تتركه المرأة بسبب الحيض أو النفاس؛ لما رواه الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا قال: «مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾»، وإذا وجب القضاء على الناسي الذي قد عذره الشرع في أشياء كثيرة، فالمتعمد أولى بوجوب القضاء عليه؛ لأنه غير معذور، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه مسلم: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» رواه مسلم.
وتابعت الدار أن هذا، مع مراعاة الترتيب إذا كانت الفوائت أقل من خمس صلوات، وإلا فالأيسر أن يصلي المسلم مع كل فرضٍ حاضر فرضًا مما عليه حتى يغلب على ظنه قضاء ما فاته.
وأوضحت الدار أنه يجب قضاء الصلاة الفائتة بغير عمد إجماعًا، وقد نقل الإجماع على ذلك ابن رشد وابن قدامة والنووي وغيرهم. وكذا يجب قضاء الفائتة عمدًا عند جمهور الفقهاء، وجرى عليه العمل سلفًا وخلفًا، بل نقل النووي إجماع العلماء الذين يعتد بهم على ذلك ورأى أن من خالف في المسألة فقد خرق إجماعهم.
ويجب القضاء مهما كثرت الفوائت، ويسقط الترتيب في حقه إذا زادت الفوائت عن خمس، وإن لم يعلم قدر ما عليه فإنه يعيد حتى يتيقن براءة ذمته، وروي عن الإمام أحمد في الرجل يضيع الصلاة: “يعيد حتى لا يشك أنه قد جاء بما قد ضيع”.
والمحافظة على الصلاة في مواقيتها من أهم صفات المسلم، قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103].
ومن المقرر شرعًا أن الصلاة كسائر العبادات المحددة بوقت تفوت بخروج الوقت المحدد لها من غير أداء، وتتعلق بالذمة إلى أن تقضى.
وقد انعقد الإجماع على وجوب قضاء الصلاة الفائتة عن غير عمد من نسيان أو سهو، أما من ترك الصلاة عمدًا فالذي عليه المذاهب الأربعة المتبوعة وجمهور الفقهاء سلفًا وخلفًا أنه آثم مع وجوب قضائها مهما كثرت، وأن قضاءها مقدم على أداء النوافل؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» رواه مسلم في “صحيحه”، كما تجب عليه التوبة من تلك المعصية العظيمة.
وبناء على ما ذهب إليه الجمهور من وجوب قضاء الفائتة عمدًا، فمن كثرت فوائته سقط الترتيب في حقه، ويجوز له أن يقضيها في أي وقت شاء، فيجوز له قضاؤها مع كل فريضة جديدة فيصلي معها صلاة أو أكثر مما عليه من الفوائت، وهكذا مدة من العمر يغلب عليه أنه قضى ما عليه، قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في “المغني” (1/ 439): [إذا كثرت الفوائت عليه يتشاغل بالقضاء، ما لم يلحقه مشقة في بدنه أو ماله … فإن لم يعلم قدر ما عليه فإنه يعيد حتى يتيقن براءة ذمته، قال أحمد في رواية صالح في الرجل يضيع الصلاة: “يعيد حتى لا يشك أنه قد جاء بما قد ضيع”. ويقتصر على قضاء الفرائض، ولا يصلي بينها نوافل ولا سننها؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاتته أربع صلوات يوم الخندق، فأمر بلالًا فأقام فصلى الظهر، ثم أمره فأقام فصلى العصر، ثم أمره فأقام فصلى المغرب، ثم أمره فأقام فصلى العشاء. ولم يذكر أنه صلى بينهما سنة؛ ولأن المفروضة أهم، فالاشتغال بها أولى، إلا أن تكون الصلوات يسيرة، فلا بأس بقضاء سننها الرواتب؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاتته صلاة الفجر، فقضى سنتها قبلها] اهـ.