بريطانيا تواجه أكبر إضراب عمالى منذ 33 عام اليوم من أجل إصلاح السكك الحديدية.
كتبت: مريم العوضي
وسط حالة غير مسبوقة من الفوضى والشلل، شهدت بريطانيا أمس أجواء من الغضب بالتزامن مع أكبر إضراب لعشرات الآلاف من عمال السكك الحديدية منذ ٣٣ عاما للمطالبة بزيادة الأجور، فيما اعتبرته صحيفة «ديلى ميل» عقابا لملايين البريطانيين الذين لا يملكون خيارا سوى
القطارات ومترو الأنفاق للذهاب إلى العمل، وهو ما يكلف اقتصاد المملكة المتحدة المتعثر بالفعل خسائر تقدر بنحو ١٠٠ مليون جنيه إسترلينى.
وأضرب نحو ٤٠ ألف عامل نظافة وإشارة وعمال صيانة وموظفو السكك الحديدية عن العمل لمدة ٢٤ساعة، وسط تهديدات بتنظيم إضرابين جديدين يومى الخميس والسبت المقبلين. كما أضرب عمال مترو الأنفاق فى لندن لمدة ٢٤ساعة، مما أدى إلى توقف نظام النقل فى العاصمة.
ويدور الخلاف حول الأجور وظروف العمل والأمن الوظيفى، حيث تكافح السكك الحديدية فى بريطانيا للتعافى من جائحة فيروس كورونا.
وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن المحطات الرئيسية فى بريطانيا كانت مهجورة صباح أمس، حيث تقرر تشغيل ٢٠٪ فقط من قطارات الركاب. وفشلت محادثات اللحظة الأخيرة بين الشركات واتحاد السكك الحديدية والملاحة والنقل فى إحراز تقدم، حيث يرى الاتحاد أنه لن يقبل عرض شركات السكك الحديدية بزيادة ٣٪، وهو أقل بكثير من معدل التضخم، الذى يبلغ حاليا ٩٪.
واتهمت النقابات العمالية حكومة المحافظين برفض منح شركات السكك الحديدية المرونة الكافية لتقديم زيادة كبيرة فى الأجور، بينما ردت الحكومة بأنها ليست منخرطة فى المحادثات، لكنها حذرت من أن الزيادات الكبيرة ستؤدى إلى دوامة فى أسعار الأجور وستؤدى إلى ارتفاع التضخم.
وقالت نقابة السكك الحديدية والنقل البحرى على موقعها الرسمي: «فى مواجهة مثل هذا البرنامج العدوانى لخفض الوظائف والشروط والأجور والمعاشات التقاعدية، ليس أمامنا خيار سوى حماية أعضاء نقابتنا».وقال مايك ليتنش الأمين العام للنقابة إن خلاف السكك الحديدية لن يتم حله بدون أن تزيل الحكومة الأغلال عن الشركات المشغلة للسكك الحديد والمترو.
وحذر ليتنش من أن الخلاف قد يستمر لأشهر، مضيفا: «من الواضح أن حكومة حزب المحافظين، بعد خفض ٤ مليارات جنيه إسترلينى من التمويل من شركة السكك الحديدية الوطنية والنقل فى لندن، رفضت تسوية هذا النزاع».
من جانبه، اتهم رئيس الوزراء بوريس جونسون النقابات بـ «إيذاء الأشخاص الذين تزعم أنهم يساعدونهم»، ودعا إلى «تسوية معقولة لصالح الشعب البريطانى والقوى العاملة فى السكك الحديدية».
وفى حديثه خلال اجتماع لمجلس الوزراء أمس، افتتح جونسون حديثه برسالة مفادها أن الإصلاح فى صناعة السكك الحديدية ضرورى، لكنه وصف الإضرابات بأنها «تسبب اضطرابا وإزعاجا كبيرين»، مما يزيد من صعوبة وصول الناس إلى العمل والطلاب إلى المدارس، واصفا الإضرابات بالخاطئة وغير الضرورية.
وأكد جونسون أن الحكومة كانت تقوم باستثمارات فى السكك الحديدية أكبر من أى حكومة سابقة، مشيرا إلى أن خطة السكك الحديدية المتكاملة وحدها كانت تبلغ قيمتها ٩٦ مليار جنيه إسترلينى.
وتتوقع مصادر مطلعة، أن الاضطرابات فى عمل السكة الحديد بسبب الإضرابات قد تستمر لـ٦ أيام، الأمر الذى سيؤثر على ملايين الأشخاص. وأشارت إلى أنه «من المحتمل أيضا حدوث صعوبات فى حركة المرور بسبب ضيق الوقت لاستعادة حركة السكك الحديدية بعد الإضراب».
من جانبه، استبعد جرانت شابس وزير النقل الدعوات لاشتراك الحكومة فى مفاوضات إضراب النقل، واصفا إياها بـ»الخدعة».
ونفى شابس اجتماعه مع النقابات كما يفعل أصحاب العمل، واصفا الدعوات الموجهة إليه للحضور إلى طاولة المفاوضات بأنها «حيلة»، وقال إن هناك «عرض على الطاولة، الباب مفتوح». وهدد بمعاقبة العمال المضربين، قائلا إنه سيغير القانون فى الشهرين المقبلين للسماح للعمال ذوى المهارات بالعمل بدلا من العامل الذى يقوم بالإضراب.وفى غضون ذلك، انضم بعض نواب حزب العمال اليساريين إلى صفوف اعتصام اتحاد عمال السكك الحديدية على الرغم من أن مكتب كير ستارمر زعيم الحزب دعا إلى عدم المشاركة.
جاء ذلك فى الوقت الذى يتوقع فيه بنك إنجلترا أن يصل التضخم إلى ١١٪ فى الخريف المقبل، مع ارتفاع الأسعار بأسرع معدل منذ ٤٠ عاما.