رئيس الوزراء ورئيس جمهورية بولندا يشهدان فعاليات منتدى الأعمال المصري البولندي.
كتب: جمال عوني
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، فعاليات منتدى الأعمال المصري – البولندي، الذي أقيم بالقاهرة، بتشريف الرئيس “أندريه دودا” رئيس جمهورية بولندا، بحضور عدد من الوزراء والمسئولين ورجال الأعمال من البلدين، لمناقشة عدد من ملفات التعاون المستقبلي في مختلف المجالات.
وألقى الدكتور مصطفى مدبولي، كلمة خلال فعاليات المنتدى استهلها بالترحيب بالرئيس “أندريه دودا” في أول زيارة يقوم بها إلى مصر، لافتاً إلى أنها تعكس عمق علاقات الصداقة والتعاون التي تربط البلدين، ليس فقط على المستوى الرسمي ولكن أيضاً بين الشعبين الصديقين، حيث تتبوأ بولندا مرتبة متقدمة بين الدول المصدرة لحركة السياحة الوافدة إلى مصر.
وأعرب رئيس الوزراء عن سعادته لمشاركة الرئيس البولندي مراسم افتتاح منتدى الأعمال المصري-البولندي، ومؤكداً على أن السعي لدفع وتنمية العلاقات الاقتصادية بين مصر وبولندا يستند إلى قاعدة راسخة من العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين، تمتد تاريخياً لما يقرب من مائة عام، وهو توجه محمود يَلْقَى كلَّ الدعم والمساندة من القيادة السياسية في البلدين.
ونوه الدكتور مصطفي مدبولي إلى أنه لا شك أن ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2021 ليصل الى نحو 720 مليون دولار، منها نحو 300 مليون دولار صادرات مصرية، يعد مؤشراً إيجابياً يُشجعنا على العمل معاً من أجل مضاعفة هذه الأرقام، وتعزيز الاستثمارات المشتركة، والاستفادة من المزايا التي يمتلكها البلدان.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن تفعيل وتنفيذ الاتفاق الإطارى المُوقع في 7 يونيو 2021 بين الهيئة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس، ومنطقة “كاتوفيتسا” الاقتصادية البولندية، لإقامة منطقة الصناعات البولندية في مصر، سوف يفتح آفاقاً واسعة أمام زيادة الاستثمارات البولندية والأوروبية في مصر، ومؤكداً حرص مصر على تقديم كافة التيسيرات الممكنة لإنجاز هذا المشروع المحوري.
وقال الدكتور مصطفي مدبولي: نلتقي اليوم في ظروف دولية استثنائية، ألقت بظلالها على الواقع الاقتصادي الراهن، بتداعيات غير مسبوقة، نتج عنها تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، وتراجع معدلات الإنتاج وتدفقات الاستثمار، وعدم استقرار سلاسل التوريد العالمية، وارتفاع معدلات التضخم ومستويات المديونية.
مضيفاً: لم يكن الاقتصاد المصري بمنأى عن تلك التداعيات، فقد تكبد خسائر مباشرة تقدر بنحو 130 مليار جنيه، وغير مباشرة بنحو 335 مليار جنيه، نتيجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتشديد السياسة النقدية عالمياً، وتوقف تدفق السياح من روسيا وأوكرانيا، وهما دولتان تمثلان معاً نحو ثلث السياحة الوافدة إلى مصر.
واتصالاً بذلك، أشار رئيس الوزراء إلى ما اتخذته الدولة المصرية من إجراءات لمواجهة تداعيات هذه الأزمة، مستهدفةً الحفاظ على ثقة الاستثمار الأجنبي وأسواق المال الدولية؛ وقيام الحكومة بإعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة، واجراءات البنك المركزي برفع سعر الفائدة.
وقال الدكتور مصطفي مدبولي: وَغَنىُّ عن البيان، أن الإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها منذ عام ٢٠١٦، نجحت في تعزيز مُرونة الاقتصاد المصري، وأسهمت في اجتياز تحديات وتداعيات جائحة “كورونا”، بل كانت مصر من الدول المحدودة التي حققت معدلات نمو اقتصادي إيجابية خلال الجائحة.
وفي هذا السياق، استعرض رئيس الوزراء بعض التطورات في الاقتصاد المصري، والخطوات التي اتخذتها الحكومة المصرية لتيسير مناخ الاعمال، بما في ذلك ما توفره مصر من فرص كبيرة وواعدة للقطاع الخاص للاستثمار في السوق المصرية، ودعمها في إطار رئاستها المرتقبة لمؤتمر المناخ، لقضايا التحول إلى الاقتصاد الأخضر في أفريقيا، حيث تحرص الدولة المصرية على الانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ الفعلي لهذه التعهدات وترجمتها في شكل مشروعات ملموسة، تحقق الأهداف التي اتفقت عليها الدول خلال مؤتمر المناخ السابق في جلاسكو.
وأضاف الدكتور مصطفي مدبولي أن الدولة وضعت هدفاً محورياً لتعزيز دور القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الاقتصاد إلى 65% خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، فيما شهد مناخ الاستثمار في مصر خلال الفترة الأخيرة العديد من الإصلاحات المؤسسية بهدف تيسير وتبسيط الإجراءات على المستثمرين؛ مما أسهم في تحقيق نتائج إيجابية في مجال تأسيس الشركات من حيث الوقت والتكلفة وإجراءات بدء النشاط، وبالتزامن مع ذلك تم سنّ حزمة من التشريعات التي تستهدف خلق مناخ جاذب للاستثمار المحلي والأجنبي، شملت قوانين: الضرائب، والاستثمار، ومشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية، والخدمات، والمرافق العامة، وقانون العمل الجديد، فضلا عن إطلاق حزمة حوافز إضافية للاستثمار في مشروعات الاقتصاد الأخضر اتساقاً مع توجه الدولة في هذا الشأن، يضاف إلى ذلك خطة النهوض بالبورصة المصرية من خلال طرح عدد من أسهم شركات حكومية هذا العام.
وأكد رئيس الوزراء أن مصر كانت دوماً مُشاركاً فاعلاً في سلاسل القيمة والإمداد العالمية، بالنظر إلى موقعها الجغرافي المميز، وحجم الطلب المحلي الكبير والمتنوع، ووفرة العمالة الماهرة والمدربة، بالإضافة إلى وجود قناة السويس التي يمر بها نحو ١٢٪ من حجم التجارة العالمية سنوياً.
وأشار الدكتور مصطفي مدبولي إلي أنه تم إنشاء الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس عام ٢٠١٥، لتكون بمثابة بيئة أعمال متكاملة مُحفزة للمستثمرين، تقدم خدمات لوجيستية وصناعية وفقاً لأعلى المعايير العالمية، وتُسهم في تحول مصر إلى مركز اقتصادي ولوجيستي عالمي مؤثر في سلاسل الإمداد والقيمة العالمية، ومنطقة متكاملة ترتكز على التصنيع والنقل البحري والخدمات اللوجستية، موضحاً أن هذه الجهود أسفرت عن وصول إجمالي حجم الاستثمارات داخل المنطقة إلى نحو 18 مليار دولار، وإنشاء أكثر من ٢٥٠ شركة في مجالات مختلفة وصناعات حيوية مهمة، فضلاً عن إقامة شراكات مع 15 مطوراً صناعيا داخل المنطقة.
ونوه رئيس الوزراء إلى ما ستطلقه الحكومة خلال الفترة القادمة من مشروعات كبيرة في مجالات مراكز البيانات العملاقة، وشبكات نقل البترول والغاز، ومحطات إسالة الغاز، وأبراج الاتصالات، وإعادة تأهيل محطات الرياح، مع توفير حزمة حوافز استثمارية خاصة بكل مشروع لجذب الاستثمار الأجنبي.
ولفت الدكتور مصطفي مدبولي إلي أن مصر تستهدف توطين الصناعة من أجل زيادة الصادرات المصرية للوصول إلى هدف تجاوز الصادرات 100 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، وفقاً لتوجيهات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، مشيراً إلى أن هذا المجال يعد من المجالات الواعدة التي يمكن التعاون بشأنها مع القطاع الخاص البولندي، ومشيراً في السياق ذاته إلى حوافز القطاع الصناعي التي تقدمها الحكومة للمستثمرين، والتي تتضمن منح “الرخصة الذهبية” لبعض المشروعات، وهي رخصة واحدة يتم إصدارها لتسهيل عمليات الاستثمار.
وفي سياق متصل، أشار رئيس الوزراء إلى أن مجال الزراعة يعد أيضاً في مقدمة القطاعات ذات الأولوية، لافتاً إلى أن الدولة ضخت استثمارات ضخمة لتحقيق الأمن الغذائي من خلال محورين أساسيين، وهما: محور التوسع الأفقي، عن طريق إقامة المشروعات القومية التي تستهدف زيادة الرقعة الزراعية، ومحور التوسع الرأسي وزيادة انتاجية المحاصيل، قائلاً: الآن لدينا مئات الآلاف من الأفدنة المتاحة للمستثمرين لزراعة محاصيل معينة، وتعزيز التصنيع الزراعي، وتعظيم القيمة الاقتصادية للحاصلات الزراعية.
وأوضح الدكتور مصطفي مدبولي أن مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يُعد أيضا أحد القطاعات ذات الأولوية، خاصة مجالات البرمجيات، وإقامة مراكز البيانات، فضلاً عن أن قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة يمثل أولوية للحكومة، حيث تسعي مصر لأن تكون مركزاً إقليمياً لمزيج الطاقة، بما يخدم عمليات الربط الكهربائي، وتصدير الطاقة إلى أوروبا ودول الجوار.
ونوه رئيس الوزراء إلى أن مصر وقعت 6 مذكرات تفاهم مع كبري الشركات العالمية العاملة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في مصر، حيث تُقدم مصر حوافزَ لتشجيع الاستثمار في هذا المجال، وتخصص أراضي لإقامة هذه المشروعات وربطها بالموانئ لتسهيل عملية التصدير.
وأشار الدكتور مصطفي مدبولي إلي أن الحكومة المصرية ستعلن قريباً أيضاً عن برنامج تفصيلي لفتح المجال للشراكة بين القطاعين العام والخاص في عدد من المشروعات القومية الكبرى، خاصة في مجالي الطاقة والمرافق، فضلا عن طرح مشروعات جديدة للاستثمار الأجنبي المباشر، قائلاً: وهنا فسوف يُسعدنا أن نرى زيادة في حجم الاستثمارات البولندية خلال الفترة القادمة.
وأعرب رئيس الوزراء عن أمله في أن تمنح زيارة الوفد البولندي المهمة إلى مصر، الزخم المرجو وقوة الدفع اللازمة لتعميق العلاقات السياسية والاقتصادية، والانتقال بها إلى آفاق أرحب ومستوى أكثر تميزاً، كما هنأ الجانبين على تشكيل مجلس الأعمال المصري-البولندي المشترك والذي يضم نخبة من الشركات المصرية والبولندية الكبرى، ومعبراً عن ثقته في أن نشاط المجلس خلال الفترة القادمة سوف يُسهم في تنمية الاستثمارات المشتركة وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين بلدينا.
كما هنأ الدكتور مصطفي مدبولي أيضا وزارة الإنتاج الحربي وشركة AC Spolka البولندية على توصلهما إلى اتفاق بشأن تأسيس شراكة استثمارية لتصنيع أنظمة تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، مُتطلعاً إلى اتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لهذا المشروع لما له من أهمية اقتصادية تُحقق المصلحة والمنفعة المتبادلة للجانبين.
وفي ختام كلمته، توجه رئيس الوزراء بالشكر للاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، ووزارة التجارة والصناعة، والتمثيل التجاري، وكافة القائمين على تنظيم هذه الفعالية المهمة، متمنياً لممثلي مجتمع الاعمال المصري والبولندي لقاءات مثمرة ونتائج متميزة.