8 لصوص اعتدوا على مسن ضرباً وأنهوا حياته ووفاة زوجته بعد ساعات من مصرعه حزناً عليه
كتب: رامى داود
8 لصوص اعتدوا على مسن ضرباً وأنهوا حياته
ووفاة زوجته بعد ساعات من مصرعه حزناً عليه
جريمة غريبة التفاصيل، رجل بلغ من العمر عامه الثالث بعد الستين، ساقه القدر ليبيت كعادته بضع سويعات جوار المحصول في أرضه بالريف، قبل أن يتحول الأمر في ثوانٍ معدودات إلى مأساة بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ إذ هرول إليه ثمانية أشخاص خارجين عن القانون وأرباب بلطجة، أخذوا يكيلون له الضرب والتقطيع بأسلحةٍ بيضاء وعصي وشوم خشبية ولم يتركونه إلا جثةً هامدةً، وطال الاعتداء جسد شقيقه ليكسر عظامه ويُظهر عروقه للهواء مُخضبةً بدمائه، حتى فاضت روح الأول إلى بارئها، قبل ساعات من صعود روح جديدة حزنًا عليه، وبين هذا وذاك كواليس قلما تحدث أو تكون سببًا في القتل مع سبق الإصرار والترصد، وإلى التفاصيل.
على أطراف قرية شوبك بسطة، التابعة لمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، وبين صبغ الليل سماء القرية بسواده عشية اليوم الأول من الأسبوع الماضي، كان الجميع يلتف حول الحاج مجدي أحمد غنيمي، الذي تجاوزت سنواته الثالثة والستون من العمر؛ إذ كان الرجل مبتهجًا يوزع الحلوى والعصائر على الصغير قبل الكبير احتفالًا بنقل أثاث الزوجية الخاص بعروسة نجله الأصغر وآخر أبنائه ورجاله الأربعة، في سعادة غامرة لاحظها الجميع وشعر بأن الرجل ربما يفرح أكبر أفراحه، خاصةً وأن موعد الزفاف كان الخميس التالي، لكن ما حدث بعدها بساعات كان وبالًا على الأسرة والقرية برُمتها.
ولا في الكوابيس!
فى بداية اليوم ترجل الحاج مجدي إلى أرضه يحث الخطى لمعاونة شقيقه في الاطمئنان على أرضهم الزراعية الواقعة بنهاية البلدة إلى جوار منطقة المقابر، قبل أن يستغرق الاثنان في نومٍ على مشارف الأرض كعادة من يرعى أرضه ويقضي أغلب الوقت فيها، لكن نومة الشقيقين كانت الأخيرة في حياة مجدي؛ إذ فوجئا بضرباتٍ متتالية بعصي وشوم وسِنج أسالت دمائهما وأدخلت الشقيق الأكبر في نزاعه الأخير، قبل أن يفر الجناه هاربين.
بإحدى يداه الملوثة بدماء شقيقه بعدما كُسرت اليد الأخرى في سبيل صد ضرباتٍ متتالية كانت في طريقها لإنهاء حياته، التقط الشقيق الأصغر محمد، هاتفه، وتحدث إلى ابن شقيقه الذي يحمل نفس اسمه، يُخبره ويستنجد به لإغاثة والده ولسان حال الكلمات لا يتفوه بغير حقيقةٍ واحدة: «بلطجية ضربونا وأبوك بيموت»، قبل أن يحضر الابن الأصغر عسىٰ أن يتم إسعاف والده، لكن الروح فاضت إلى بارئها في غضون دقائق من وصوله إلى المستشفى.
خفتت الأصوات وخضعت الوجوه للحزن يكسوها مُعلنا مقتل رب الأسرة وكبيرها، قبل لحظات من حضور رجال المباحث الجنائية إلى موقع الحادث لكشف ملابسات ما جرى، وعلى رأسهم الرائد محمد صدقي، رئيس مباحث مركز شرطة الزقازيق، بإشراف اللواء عمرو رؤوف، مدير المباحث الجنائية بمديرية أمن الشرقية، لكن الجريمة كانت غريبة تبدو دون خيوط تقود لكشف أستارها.
دُفن جثمان القتيل صباح اليوم التالي، ومع ساعات الظهيرة ذهبت أرملته الحاجة أمال محمد سعيد، إلى المقابر تزور شريك حياتها وقلبها يأكله الحزن حتى وإن أظهرت تماسكها، قبل أن تُخبرها إحداهن بأسىٰ بضرورة ألا تزور المقابر في حالتها تلك: «ما تجيش هنا تاني خلاص»، لترد الأرملة وهي توجه حديثها لقبر زوجها: «جاية لك العصر يا مجدي»، لتعود إلى منزلها تتوضأ وتُصلي وترحل عن الحياة في صمتٍ لتُدفن إلى جوار زوجها عصرًا وكأنها تؤكد إحساسها وتنبؤها بالرحيل.
لحظات قليلة فصلت بين دفن الزوجة إلى جوار زوجها وبين كشف أستار وكواليس الجريمة؛ إذ قادت الصدفة أحد جيران لأرض المجني عليه فرأى اثنين من الخارجين عن القانون كانا يختبئان داخل أحد حقول الذرة بالمنطقة، قبل أن يُفاجأ بهما صاحب الحقل يسرقان المحصول، وهنا دارت رُحى معركة انتهت بإصابة أحد اللصوص في جبهته قبل فراره رفقة اللص الآخر، لكن الاثنين عادا وبصحبتهما ستة أشخاص آخرين، يحملون شوم وعصي خشبية وأسلحة بيضاء «سنج»، وما أن شاهدوا المجني عليه وشقيقه في أرضهما حتى هوى الثمانية فوقهما بالأسلحة ليقتلون الأول ويكسرون يد الثاني ويُصيبونه إصابات بالغة، قبل أن يلوذ البلطجية الثمانية بالفرار. الأجهزة الأمنية ألقت القبض على المتهمين الثمانية عصر يوم الأحد، بعد لحظاتٍ من رحيل الزوجة ودفنها حزنًا على مقتل زوجها، وبمواجهة المتهمين أقروا بما أسفرت عنه التحريات وانهم قتلوا المجني عليه وأصابوا شقيقه ظنًا منهم بأنهما من أصابا أحدهم وقت سرقته لمحصول الذرة، لكنهم أكدوا كذلك على نيتهم المُبيتة وعقدهم العزم على القتل بوجه عام، ما يؤكد أن الجريمة حدثت مع سبق اصرار وترصد، وبالعرض على نيابة الزقازيق العامة، بإشراف المستشار محمد الجمل، المحامي العام لنيابات جنوب محافظة الشرقية، أمرت بحبسهم جميعًا على ذمة التحقيقات بتهمة القتل العمد، قبل تجديد الحبس لخمسة عشر يومًا إضافية بقرار من قاضي المعارضات بمحكمة الزقازيق الجزئية.
محمد، نجل المجني عليه، تحدث لـ«أخبار الحوادث» عن كواليس ما جرى وما رآه من بشاعة الجرم في جسد والده قبيل وفاته، مؤكدًا على أن الجناه قتلوه شر قتله، قبل أن يلوذ بالقضاء والقانون لأجل القصاص لوالده، منوهًا بأن حفل زفافه قد تأجل وحل محله الحزن والخراب بمقتل والده ووفاة والدته حزنًا عليه، لكنه أكد كذلك على أن الجناه معروف عنهم أعمال البلطجة وتجارة المُخدرات والسرقات، وأن بعضهم يعرفهم أهل القرية، وأن كل ما يطلبه ويرجوه أن يقتص القضاء لروح والده بإعدام الجناه حتى يؤكد على أن القانون وحده من يحكم ويُجرم تلك الأفعال الإجرامية وأعمال البلطجة.